اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
السلف الصالح بين العلم والإيمان
12321 مشاهدة print word pdf
line-top
أثر علم السلف في القلوب

فكذلك علم السلف الذي ذكرنا لا شك أنه أَثَّر في قلوبهم، فصار من آثار ذلك العلم: الإيمان الذي هو عقيدة راسخة؛ سبب رسوخها: قوة الدليل، الدليل الذي اعتمدوه هو: تلك النصوص الواضحة التي لا خفاء فيها ولا التباس؛ وذلك لأنهم بنوا عقائدهم على أصول عقلية تؤيدها أدلة وأصول نقلية سمعية.
فالأدلة النقلية هي: ما ورثوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم من الآيات ومن الأحاديث. والأدلة العقلية هي: ما شهدت به فطرهم الفطر السليمة الفطر المستقيمة التي لم تتغير بالبدع ولا بالخرافات ولا بغيرها؛ بل صانها ربها عن أن تركن إلى تلك الشبهات وتلك الخرافات. فكان ذلك سببا من أسباب بقائها على هذه العقيدة ورسوخها عليه وعدم تزعزعها؛ ولهذا لم تؤثر فيهم تلك الشبهات، الشبهات التي أدلى بها المبتدعة ما أثرت فيهم، لماذا؟ لقوة عقيدتهم؛ وإلا فالمبتدعة عندهم شبهات، فعند الخوارج شبهات يستدلون بها، وعند المعتزلة شبهات يعتمدونها؛ ولكنها شبهات لا يُلْتَفَت إليها وليست راسخة؛ بل بعضها يحطم بعضا.الشبهات التي يتشبثون بها مثلها شيخ الإسلام ببيت مشهور ذكره في آخر العقيدة الحموية بقوله:
حجج تهـافت كـالزجـاج كـأنهـا
حـق وكـلٌّ كاسـر مكســـور

حججهم أو شبهاتهم بمنزلة الزجاج، أنت تعرف أنه إذا كان معك زجاجتان إحداهما في يدك اليمنى، والأخرى في اليسرى ثم ضربت إحداهما بالأخرى، أليستا جميعا تتكسر كل منهما، وكل منهما تفنى وتتصدع؟ فهذه حجج، حجج المعتزلة عقلية تنقضها مثلا حجج القدرية، تنقض حججَ المعتزلة أيضا حججُ الجهمية بعضها يبطل بعضا كما مثَّلها بهذا ومثَّلهم أيضا بعض العلماء كابن القيم في الصواعق بمثالٍ نَظَمَهُ أيضا في أبيات بقوله:
واضــرب لهم مثلا بعميـان خلوا
فـي ظلمــــة لا يهتدون سبيلا
فتصـادموا بـأكفهـم وعصيهــم
ضـربا يدير رحى القتــال طويلا
حتى إذا ملـــوا القتــال رأيتهم
مشجوجــا أو منبـوذا أو مقتولا
يتسـامع العميـان حتى أقبــلوا
للصلـح فـازداد الصياح عـويلا

هذا أيضا مَثَلٌ لحججهم، وأنهم مثل الأكِفَّاء إذا اصطدم بعضهم ببعض؛ وذلك أنهم لا يهتدون ولا يدري أحدهم بالآخر، فإذا تصادموا وظن أحدهم أن الآخر تعمده فإنه سيضربه بكفه وبعصاه ثم كل منهم يضرب الآخر، فهكذا شبهات هؤلاء لما كان الحق واضحا لم تؤثر فيه تلك الشبهات، ولما كانت تلك الشبهات مبنية على تخرصات وظنون لم تُقْبَل؛ بل أبطل بعضها بعضا؛ ولهذا كثيرا ما يذكرون أن بعضهم يرد حجتهم بنفسه، أولئك المبتدعة يبتدع حجة ويتخذها دليلا ثم يأتي إلى نقضها بنفسه أو ينقضها شيخه أو تلميذه وهذا دليل على أن تلك الشبهات ليست على علم راسخ.
وأما حجج الصحابة والتابعين ومن بعدهم فإنها عن دليل راسخ؛ فلهذا لم تؤثر فيها تلك الشبهات، لما أنهم اعتقدوا هذه العقيدة وآمنوا هذا الإيمان ورسخ في قلوبهم ولم تزعزعه تلك الشبهات كان له آثار، ما هي تلك الآثار؟
لو أخذنا نذكر قصصًا من قصص الصحابة والتابعين وكذلك ذكورهم وإناثهم وما أُثِرَ عنهم من العلوم -رحمهم الله- لطال بنا المجال.
لا شك أن تلك القصص التي أثرت عنهم دليل على ثباتهم، فمثلا علومهم التي علموها أليسوا قد عملوا بها لأنهم آمنوا بمعناها؟

line-bottom